{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ}، وهو سواد الوجوه وزرقة العيون، كما قال جل ذكره: {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه} [آل عمران- 106] {فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأقْدَامِ}، تجعل الأقدام مضمومة إلى النواصي من خلف ويلقون في النار، {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.ثم يقال لهم: {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ} المشركون {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} قد انتهى حره. قال الزجَّاج: أَنَى يأنى فهو آن إذا انتهى في النضج، والمعنى: أنهم يسعون بين الجحيم والحميم فإذا استغاثوا من حر النار جعل عذابهم الحميم الآني الذي صار كالمهل، وهو قوله: {وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل} [الكهف- 29] وقال كعب الأحبار: {آن} واد من أودية جهنم يجتمع فيه صديد أهل النار فينطلق بهم في الأغلال فيغمسون في ذلك الوادي حتى تنخلع أوصالهم، ثم يخرجون منه وقد أحدث الله تعالى لهم خلقًا جديدًا فيلقون في النار وذلك قوله: {يطوفون بينها وبين حميم آن}.{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} وكل ما ذكر الله تعالى من قوله: {كل من عليها فان} إلى ههنا مواعظ وزواجر وتخويف. وكل ذلك نعمة من الله تعالى، لأنها تزجر عن المعاصي ولذلك ختم كل آية بقوله: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.